الاثنين، 3 سبتمبر 2012

The Dark Knight Rises

قراءة مختلفة لشخصية باتمان وكريستوفر نولن هو البطل 

باتمان يتحمل كل اللوم وحدة لنصرة افكاره ومبادئة، وللحفاظ على وحدة وتماسك المدينة التى يراعاها "جوثام"، انتهى الجزء الثانى من ثلاثية كريستوفر نولن بمقتل هارفى دنت على يد باتمان ليتفق مع صديقة مفوض الشرطة جوردون (جارى اولدمان) على أن يتحمل وحدة تبعات قتلة هارفى بعد أن تحول إلى جانب الشر وحاول قتل أبن جوردون، فقط ليظل هارفى رمزا لفرض سيطرة العدالة والقانون على جوثام، يبتعد باتمان عن الصورة ويظل مطاردا وتنجح شرطة "جوثام" فى فرض عدالة واستقرار على المدينة المظلمة المليئة بالمجرمين، المدينة فى الجزء الثالث الذى يحمل عنوان صحوة فارس الظلام مشرقة تسير وفق قواعد منسوبة لهارفى دنت يعمل على تطبيقها جوردن، لكن هذا الاستقرار يموت مع ظهور باين (توم هاردى) أحد افراد عصبة الظلال التى كونها راس الغول مدرب باتمان (ليام نيسون) والذى يحاول ان يفرض نظاما جديدا، مما يضطر باتمان (كريستيان بيل) إلى الخروج من عزلته ومواجهته.

منذ ظهور شخصية باتمان عام 1939 على يد بوب كاين، وبيل فينجر لم يستطع مخرج أو كاتب أن يستخلص كل هذة الأبعاد النفسية والفلسفية فى شخصية باتمان، وذلك على الرغم من كون شخصية باتمان أو المليونير العابث بروس وين تحمل خطا ميلودراميا لم تحمله أى شخصية فى مجموعة ابطال شركة "دى سى كوميكس" والتى تضم العديدين على راسهم سوبرمان، وفلاش، هو الوحيد الذى لا يملك قوى خارقة ولم ياتى من قارة مفقودة أو كوكب مدمر، هو الوحيد الذى يحمل كما من البؤس لا يحمله غيرة مثله كمثل مدينته التى يحميها، وكذلك الحال مع أعداءه الذين يحملون طابعا مختلفا، وحدة كريستوفر نولن الذى ملك الرؤية ليظهر باتمان بهذه الصورة ويحوله من مجرد بطل يحارب الجريمة بسبب ثار شخصى إلى شخص يصدر فلسفته الخاصة، نولن منح شخصية باتمان فى الجزء الثالث من الفيلم بعدا أعمق من صانعى الشخصية انفسهم، ولن يستطيع أى مخرج سينمائى أن يقترب من هذه الشخصية مرة أخرى لسنوات طويلة مقبلة.

نولن لم تظهر عبقريته فقط فى تعميق الفكرة وإضفاء بعدا جديدا على الشخصية بالشكل الذى ظهرت معه مختلفة كل الإختلاف عن كل ما قُدم من قبل، بل أمتد إلى قيادة فريق عمل ضخم على رأسه ممثلين من اجيال وتيارات فكرية مختلفة داخل هوليوود، البعض حصل على الأوسكار والبعض ترشح لها، اسماء يكفى واحد منها أن يتصدر افيشات أى فيلم وحدة، بخلاف أن كريستوفر نولن يتعاون مع هذه الأسماء بشكل متكرر فى افلامه المختلفة، لكنة دائما وعلى الرغم من الفترات الزمنية القصيرة التى تصدر بها افلامه بنجومه المكررين الا انة ناجح جدا فى أن يجعل من كل شخصية بصمة مميزة لن تتكرر ابدا حتى لو تكرر وجود الممثل فى فيلمين من افلامة، نولن لم يلجأ للخدع البصرية واعتمد على معالجة أخوه جوناثان للفكرة والتى شارك هو ايضا فى كتابتها، هذه المعالجة اعطت للممثلين جميعا مساحات أكبر لعرض امكانيتهم، خاصة وان جميع الشخصيات مركبة وعلاقاتها متشابكه لحد يجعل جزء كبير من النجاح فى تنفيذ الفيلم يقع على قدرة الممثلين فى عرض الشخصيات التى يؤدونها.

الموسيقى التصويرية فى الثلاثية  لهانز زيمر لكنها فى الجزء الثالث حملت توزيعات مختلفة، ولم تاخذ نفس الحيز الذى احتلته فى الجزئيين السابقين، ليعوض نولن الفراغ بإستخدام اصوات الكورس ليصنع بهذه الاصوات موسيقي تصويرية من نوع مختلف الا انها تحمل نفس الطابع التصاعدى المناسب جدا للاحداث المتلاحقة، توم هاردى وقع تحت ضغط أكثر من باقى الممثلين فهو لم يخلع قناعة الذى يغطى الجزء الاكبر من وجهة الذى يعتبر اهم اداة يمكن أن يعبر بها الممثل، لكن هذا لم يقلل اداءه التمثيلى على العكس ففى بعض المشاهد نجح فى توصيل التعبير بعينة فقط حتى دون الحاجة إلى الكلام، لم يختلف اداء باقى الممثلين عن مستوى هاردى وأن كانت مهمتهم اسهل فهم يخلعون الأقنعة اغلب الوقت فى الفيلم.

مستر آند مسز عويس

 

فيلم خارج التصنيف واستغلال سيئ لهتافات الثورة

"ويسو" أو أحمد عويس (حمادة هلال) المطرب العاطفى المشهور الذى يعيش حياه عابثة والذى تقرر والدته (هناء الشوربجى) أن تزوجه فى محاولة منها لتصلح من حياته فيختار هو العودة إلى قريته للزواج من أى فتاة تنفيذا لنصيحة صديقه (إداورد)، وبعد ذهابة للقرية يتورط ما بين مجرم يسيطر على القرية من جانب وهو الخُط ورجل اعمال فاسد هو النشرتي، هذه القصة البسيطة التى تتطور لمجموعة من الأحداث الغير منطقية هى اساس أحد افلام موسم عيد الفطر الحالى.
مثلا من الصعب أن تجتمع الشرطة المصرية  وعدد من البلطجية المأجورين والشرطة الفيدرالية الأمريكية معا لمهاجمة مطاريد الجبل فى الصعيد، فقط هذا متاح فى خيال كريم فهمى مؤلف فيلم "مستر أند مسز عويس"، قصة غير موجوده وسيناريو لا يسير على خط درامى واضح، فلم يعرف المشاهد ما الذى يدين رجل الأعمال النشرتي (غسان مطر) ويجعل الخُط يحاربه ويسعى للحصول على أوراق يحتفظ بها النشرتي فى خزانته وتدينه وتورطه فى حوادث فساد تضر القرية التى يعيش فيها، وفى نفس الوقت من غير المنطقى أن يلجا رجل الأعمال الفاسد إلى الشرطة ليخبرهم أن الخُط سرق أوراق هامة – هى الاوراق التى تثبت تورطه فى الفساد – ويطلب من الشرطة إستعادتها.
محمد متولى وأحمد راتب أضرا بتاريخيهما وانفسهما بقبول اداء مثل هذه الشخصيات الباهته التى كان يمكن الاستغناء عنها تماما فهى لاتقدم ولا تؤخر فى الفيلم، فليس من المنطقى أن ينحصر دور محمد متولى فى دور كبير عائلة عويس الذى يسب ويلعن فقط طوال الفيلم، كذلك الحال مع دور لواء الشرطة (أحمد راتب) الذى يحاول القبض على حفيد الخط مصدرا كل هذا الكم من اللامنطقيه وعدم الاحتراف المفترض تواجدهم عند ضابط شرطة له كل هذه الخبرة حتى وصل لرتبته العالية ومنصبه كذلك الحال مع إداورد.

المخرج أكرم فريد لم يقدم اى جديد بل ساهم فى زيادة حالة التخبط وعدم منطقية السيناريو، ليحمل فيلم أخر من افلامه حالة التخبط دون وجود اى جماليات، أو إظهار اى دلالة على قيادته لفريق العمل الذى من المفترض أن يضم عدة ممثلين مخضرمين إلى جانب مطربين هما حمادة هلال وبشرى، كان من الممكن إستغلال ذلك بصورة أفضل بكثير ليس فقط من خلال دويتو باهت للمطربين لا يمكن وصفة الا انه محاولة فاشلة لتقليد الدويتو الشهير بين الراحل فريد الأطرش و شادية "يا سلام على حبى وحبك" من فيلم "انت حبيبى" وكان من إخراج الراحل يوسف شاهين، أو اغنية للاطفال يؤديها هلال منفردا، كما أن التقليد الباهت للمطرب العاطفى الذى قام به هلال فى بداية الأحداث لم يكن سوى استغلال ضعيف لحالة سبق تقديمها فى عدة أفلام لم تخلق كوميديا لا من قريب او من بعيد.
واحدة من اهم العيوب التى يعانى منها عدد كبير من صناع السينما فى مصر هو إقحام السياسية بشكل فج فى العمل، لا لغرض سوى شد إنتباة الجمهور وإستغلال تعاطفة مع قضايا بعينها، وكان حل القضية الفلسطينية يعتمد على خطف السفير الإسرائيلى فى مصر، أو استغلال بعض الهتافات التى كان يرددها الثوار منذ يناير 2011 من خلال احداث الفيلم بالشكل الذى يسطح هذه القضايا ويجعل من المعالجة التى يتبناها الفيلم للقضايا السياسية ليست سوى سخرية واضحة على قيم هذه القضايا.
الفيلم فى المجمل لا يمكن تصنيفه هل هو فيلم حركة أم كوميدى أم أجتماعى، ومحاولة السخرية من مشاهد بعينها فى افلام مصرية كفيلم "شئ من الخوف"، او اللعب على تيمة الزوجين الذان لا يعرفان بعضهما البعض ويفاجان بعد الزواج بتفاصيل كان يخفيها احدهما، أو حتى تشابة اسم الفيلم مع فيلم أخر يتناول نفس الفكرة هو "Mr.&Mrs. Smith" وغيرها لا يجعله يندرج تحت نوعية كوميديا البارودى (parody) لكنها محاولة من المخرج والمؤلف لإستغلال كل شئ ممكن من خلال تجميع ما تم تصويرة من مشاهد فى محاولة لصناعة فيلم.

تيتة رهيبة

فيلم يعرف كيف يختار جمهوره وسميحة أيوب تعود كما لو كانت على خشبة المسرح

طفل صغير يتلقى مجموعة تعليمات واوامر من جدته راوية التى تعامله بمنتهى الشدة ولا تتهاون معه إطلاقا، كيف ذلك وهى المسئولة عنة وعن تربيته لكن هذه القسوة خلفت على مدار السنين رجل يخشى من كل شى، يخشى حتى من أن يصارح الفتاة التى يحبها منار(ايمي سمير غانم) بمشاعره، جدة رمان (عبد الرحمن أبو زهرة) تولى محاولة إنقاذ ما دمرته الجدة التى تقوم بدورها سميحة أيوب، لكنة يموت فجاه فيحاول رؤوف، محمد هنيدى فى الفيلم الذى أصبح يبلغ من العمر 40 عاما الإعتماد على نفسه والدفاع عن حبه ويطلب منار للزواج.

يناقش فيلم "تيتة رهيبة" العلاقات الاسرية والتربية وأثرها من خلال إطار إجتماعى حمل عبء أن يكون كوميديا محمد هنيدى الذى لم يعتمد على الافيهات ولم يبالغ فى اداء الدور كما هو معتاد منه بإستغلال ملامح وجهه أو تكوينه الجسدى، ولم يقدم ايضا الاغنية التى اعتاد أن يقدمها فى كل افلامه وعلى الرغم من كون شخصية رؤوف مبالغ فيها نادرا ما تجدها بكل تفاصيلها فى الواقع الذى نعيشه، لكن هنيدى نجح فى تقليص الفارق بين الخيال والواقع من خلال أداءه لشخصية رؤوف، كذلك الحال مع شخصية إبراهيم أخو منار (باسم سمرة) وهو بلطجى من منطقة شعبية والذى سبق وقدمه باسم من خلال عدة اعمال سابقة لكن وقوف إبراهيم عاجزا امام الجدة راوية دائما هو ما اعطى للشخصية بعدا كوميديا.

سميحة ايوب ايضا وعبد الرحمن ابو زهرة وعلى الرغم من صغر مساحة دور الأخير، قدما شخصياتهما فى الفيلم باحترافية شديدة وعلى الرغم من جدية دوريهما، خرجت الكوميديا من خلال الإختلاف الشديد بين ما يمثلونه من جدية مع طرافة الموقف من ناحية أخرى، وكان واضحا أنه لا توجد ممثلة أخرى تستطيع القيام بشخصية راوية التي جسدتها سميحة أيوب وكأنها تقف على خشبة المسرح،  على عكس محمد فراج، وإيمى سمير غانم اللذان لم يضيفا اى جديد، فجاءت شخصيته فراج فى الفيلم وهو صديق رؤوف غير مهمة ولم تؤثر من قريب أو من بعيد فى شخصية رؤوف دراميا، وإيمى لم تقدم اى جديد او تميز عما قدمته من قبل.

سيناريو يوسف معاطى بسيط جدا على مستوى الفكرة والشخصيات ولم يختلف كثيرا عما اعتاد تقديمه من قبل والشخصيات فى احيان كثيرة بدت كرتونيه ومبالغ فى تصرفاتها إلى حد كبير، لكن هذا لم يمنع المخرج سامح عبد العزيز من ان يصنع فيلما جيدا يصلح ليكون فيلما اسريا لا يحمل حواره افيهات خارجة سواء لفظية او بصرية، ونجح ان يصبح فيلما متماسكا بإمكانيات بسيطة فغالبية المشاهد لم تتعد شقتى رؤوف ومنار، والشارعين اللذان يقطنان بهما، والسوبر ماركت الذين يعملان به، وهو ما يجعل الفيلم موجهة لشريحة كبيرة من الجمهور الذي يبحث عن أفلام عائلية تناسب الاطفال وتجلب بعض الضحكات في الوقت نفسه وهو ما يفسر الاقبال الكبير على الفيلم مقارنة بفيلمي "بابا" و" مستر اند مسز عويس".

الفيلم لم يتعرض للاحداث السياسية من قريب او من بعيد على عكس ما اعتاد هنيدى تقديمه فى بداياته، حيث كانت القضايا السياسية الكبرى تحتل مساحة من افلامه وكانت تناقش بمنتهى السطحية، فقط اشارة سريعة لدور المدونين والمحامين فى التاثير من خلال مشهد واحد فقط فى الفيلم حيث ضابط الشرطة (خالد سرحان) الذي يغير من معاملته لرءوف بعد وصول الفيديو للفيس بوك.