Beasts Of The Southern Wild
وحوش الغابات الجنوبيه وخيال السينما الواقعى
فى الحياه الكثير من الأحداث المفرحه، لا يفرق كثيراً ما تقدمه لك المدنية
والحياه الحديثه، ولا يهم أيضا ما تقدمه لك الأموال والنفوذ، يبقى دائما
أسلوب وطريقة حياتك التى ترغب فى أن تعيشها كما يحلو لك، "ونيك" قرر أن
يكون هذا الشخص وينسج عالمة الخاص حوله، ومع مرضة والكارثه الطبيعيه التى
تهدد "باث تاب" قريته الصغيره الأشبة بالمدينة او العالم المتكامل كما
يراه، فذوبان الجبال الجليديه يهدد القرية بالغرق تحت اطنان من المياه
المالحه، "وينك" يقاوم كل محاولات المدنية إختراق حياته ويحاول أن يقاوم
وينقل موروثه الثقافى وطريقة معيشته لبطلة فيلم “Beasts Of Southern
Wilde” كويفنزانى واليس، والتى تقوم بدور أبنة "وينك" فى الفيلم "هاش
بوبى"، وهو الدور الذى يقدمه دوايت هنرى.
لا يمكن الحديث عن الفيلم دون التحدث عن مخرجه بينيه زيتلين، ولو تحدثنا عن
بينيه يجب التحدث عن تفصيلتين فى غاية الأهمية يمثلان معا مفتاح فهم
الفيلم، اولهم "سينما المؤلف" والثانية "مدرسة مخرجين نيويورك" المحلقين
خارج منظومه هوليود، بينيه الذى ينتمى لكليهما، الأولى التى تقدم رؤيه شبة
متكاملة ومحكمة لما يريده المخرج بالشكل الذى يسمح له منذ البداية التحكم
فيما يقدمه من أفكار بالأضافة إلى معرفته الكاملة عند الكتابة بما يمكنه
تنفيذه، لانه مؤلف العمل أو كاتب السيناريو الخاص به فى حاله الإقتباس من
عمل أدبى، والأخيرة هى الحالة التى تنطبق على الفيلم المستوحى من مسرحية
لوسى ألبير والتى تحمل عنوان “Juicy And Delicious”، والثانيه هى الثوره
على اله هوليود السينمائية وثوابتها من خلال مدرسة المخرجين النيويوركيين
الذى ياتى فى مقدمتهم ستانلى كوبريك، وودى آلن، وفرانسيس فورد كوبولا،
ومارتن سكورسيزى، فبينيه ينتمى لهذه المدرسه الساخره المحبة لأمريكا، بكل
ما تحمله من شطط وتفرد فى السردية سواء فى الكتابه او الترجمه البصرية عن
كل ما تقدمه عاصمة صناعه السينما على الجانب الغربى ومتحديه لها بشكل واضح.
بينيه نيويوركى يحمل مفراداته وسرديته سواء فى الكتابة أو معالجته للنص أو
فى طريقه إخراج الفيلم والتحضير له بدء من إختياراته للممثلين وأغلبهم وجوه
جديده مرورا بإختيار بطله لفيلمه تبلغ من العمر 6 سنوات حملها مسئوليه طرح
ما يريد أن يناقشه، بالاضافة إلى دعم عدد من المؤسسات المستقله إنتاج
الفيلم على رأسها مؤسسه "صاندانس" والتى يترأسها روبرت ريدفورد والتى تهدف
لدعم الأفلام المستقلة إنتاجيا وفكريا، ونهايةً برؤيته الرافضة لما تبيعه
هوليود خاصة والمجتمع "المتحضر" كما يراه بينيه من قيم وأسلوب حياه، بطلة
الفيلم أختيار يستحق التوقف أمامه كثيرا مخاطرة المخرج فى أن يمحور الفيلم
باكملة على تعبيرات وجه طفله صغيره ومخاطرته أن يصدر فيلمه الروائى الأول
بطفله قد لا يتحكم فى أدائها، ولم يقف عند هذا الحد فقط بل لجأ لحيله أكثر
عمقا لطرح افكاره التى لن تجد لها الكثير من المشجعين فى الوسط السينمائى
الأمريكى الذى تحكمة قواعد ثابته منذ نشاة هوليود عانى منها المئات من صناع
السينما هناك، وهى إستبدال حوار البطلة الأساسيه بقالب يشبة مذاكرات
ممنهجه لشخص ناضج لكنها تصل لإذن المشاهد بصوت الطفلة تظهر ما بين المشاهد
تحمل كيفية تفسيرها لما يحدث حولها من أحداث كبيره قد لا تستطيع سنواتها
الست إستيعابها، أداء شخصية "وينك" والد البطلة "هاش بابى" مسرحيا بحركات
يديه وصوته العالى وهو ما يعد عيبا فى أداء اى ممثل فى فيلم سينمائى، أو
حتى على خشبة المسرح حسب النظريات الحديثه فى فن التمثيل المسرحى، لكنها فى
فيلم بينيه تم توضيفها بشكل جيد وظهر الأداء كانعكاس مباشر لخوف الشخصية
على أبنته الصغيرة والتى بسبب ظروف مرضه وتاكده التام انه سيموت قريبا
تاركا ابنته لحياه قاسيه محملا اياها تراثه واراءه.
المونتاج أحد ابطال الفيلم الرئيسين والذى لا يمكن الاستغناء عن حيله التى
ساهمت فى ظهور الفيلم بالشكل الذى يبرز فكرة المخرج، فالفيلم لا يتطرق لسرد
الأحداث من خلال المشاهد المتتابعة، او حوار ابطالة، بل يعتمد بشكل مباشر
على مذاكرات طفله وكيف تفسر الأشياء، فمثلا ترجمت "هاش بابى" حديث والداها
عن والداتها ووصفه إياها "بالساخنه" أو “She Is Hot” فى دلاله على جمالها،
بان ترسمها "هاش بابى" فى مخيلتها بالمراه التى تغلى المياه داخل القدور
عندما تمر بجانبها، او أنها قادره على طهى الطعام دون إشعال فرن، المونتاج
دعم هذه الرؤيه من خلال القطعات السريعه للمشاهد والتى تبدو كان المشاهد
يعيش حلما، أو يرى العالم من خلال عيون هذه الطفله.
الفيلم إجمالا إضافه لمسيره فن السينما فى العالم وأكاد أجزم أنه لو أعيد
اختيار افضل 100 فيلم فى السينما العالمية سيحتل هذا الفيلم دون شك أحد
المركز المتقدمه فى القائمة، هذا بالطبع إلى انه تاكيد جديد لنجاح "سينما
المؤلف" ونجاح عدد من المخرجين حملوا على عاتقهم تحرير فن السينما من قوالب
ثابته تقضى عليه، خاصه مع تاثير العولمه على الفن وهيمنه الولايات المتحده
بصبغتها التجاريه المبتذله فى كثير من الأحيان والإعتماد على التكنولوجيا
والإبهار فى أحيان اخرى، لتكن أذن سينما الحلم وإطلاق عنان الخيال للافق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق