الجمعة، 8 مارس 2013

عبده موتة

 

عودة سينما الوعظ

شاب أسمر يحمل شنطة ظهر تطارده الشرطة حتى يلقى بنفسه فى النيل هربا منهم، لكنهم يقبضون عليه وينفذ حكما بالحبس لمدة ثلاثة شهور، الشاب هو عبده موتة (محمد رمضان) أحد افراد عصابة المعلم مختار العو (سيد رجب) ونشاطهم الاساسى تجارة الحشيش، بعد خروجه من السجن تتكفل اغنية لـ أوكا واروتيجا وشحته كاريكا التعريف بشخصية بطل الفيلم الذى يعيش فى منطقة شعبية مع اسرة تضم والدته (عفاف رشاد) واخته (رحاب الجمل)، وخاله (صبرى عبد المنعم) وابنة خاله وحبيبته (حورية فرغلى)، وصديقيه (مجدى بدر، وشادى خلف)، الصراع يدور بين كل هذه الشخصيات مره حول قيم الخير والشر ومرة اخرى حول السيطرة والزعامة.
فيلم "عبده موتة" تحمل مشاهده الاولى طابع الأكشن والمطاردات التى تصاحب دائما أحمد السقا فى افلامة، ولن نستطيع قصرا أن نمنع سيل الافكار التى تقارن ما بين قفزتى السقا الشهيرتين فى افلام "افريكانو"، و"تيتو" من جهة وقفزة محمد رمضان فى النيل فى بداية الفيلم من جهة اخرى، لن نمنع انفسنا من التاكيد اننا مقبلين على فيلم هو كوكتيل من "تيتو"، و"ابراهيم الابيض"، لكن بمجرد نهاية مشهد المطاردة ودخول عبده إلى الحاره التى يسكن فيها بواسطة توك توك بعد قضاء فترة عقوبته وغناء اوكا واورتيجا حتى تنسى السقا وافلامه و"اكشنه"، ونبدا فى تذكر فيلم "الالمانى" الذى لم يمض على بداية عرضة عدة أشهر واجواءه المتشابة سواء فى الديكور او الابطال او اصحاب اغنيات الفيلمين، لكن كل هذه التوقعات والافكار غير صحيحة، فالفيلم يعود بنا إلى مرحلة أسبق فى تاريخ السينما المصرية وهى سينما الوعظ، حيث يكون مصير الخطائيين والاشرار محدد، ومصير الطيبين والاخيار محفوظ، ولابد للخير أن ينتصر على الشر فى النهاية بغض النظر عن اى شئ.
إذا كنت ممن يجدون صعوبه فى تفسير مصطلحات من نوعية "ركبونى مرجحتى.. عايز اركبها لوحدى"، أو "اسعى يااااااه"، أو "انا بَسلك"، أو مثلا لا تتخيل السرعة التى تصبح بها المطواه القرن غزال مفتوحه وجاهزة للاستعمال وتتحول من مجرد قطعة خشب يرقد فى قلبها نصل حاد إلى سلاح قاتل فى اقل من ثوانى، أذن ستجد صعوبة شديدة فى فهم جوانب كثيرة فى شخصيات ابطال الفيلم، خاصة وأن أحداث الفيلم تدور فى فترة زمنية لن تزيد باى حال من الاحوال عن عام، ولا يتضمن لمحات من ماضى هذه الشخصيات او تفسير لوصولهم لمثل هذه الحالة من التحجر عند مواجهتهم باخطائهم، واغلب هذه الشخصيات يحمل جانب عنيف جدا جميعهم يسعى بكل عنف للحصول على السلطة والحب، حتى الشرطة فى الفيلم هى مجرد عامل ثانوى لا تقوى على هذه الشخصيات التى دائما ما تجد طريقا للالتفاف، ولا يتعدى دورها عن كونها عامل ثانوى يطارد وينفذ حكم قضائى، بل ان ضابط المباحث يستعين بـ العو لمساعدته فى القبض على موته مستغلا نفوذه وقوته حتى يستطيع "تقفيل" قضية، وهو ما يعيدنا للطابع المميز لإفلام ملك الترسو فريد شوقى وعدوه الطبيعى فى السينما محمود المليجى، ايا كانت شخصيتهما ففى النهاية ينتصر الخير بطرق قدرية، نفس الحال مع محمد رمضان الذى يحاول الجلوس على عرش ملك الترسو بفيلميه الاخيرين مع مراعاه التطور الذى حدث عند طبيعة المشاهد، فى مواجهة سيد رجب الذى حملت شخصيته فى الفيلم كل ابعاد شخصيات المليجى عند مواجهته لشوقى فى الافلام التى جمعتهم كخصمين، الفيلم يكاد يكون موجها لشريحة محددة من الجمهور حاملا ثقافة وقيم قطاع كبير من المجتمع المصرى يرى نفسة فى مثل هذه الظروف، معظمة نشا فى مناطق شعبية ويعرف جيدا طبيعة الصراع الدائر بين الشخصيات فى الفيلم، لذلك لن تكون المصطلحات والمقصود منها عائقا امام هذه الشريحة ولن يجدوا اى صعوبة فى ترجمة الفيلم وحتى الاستمتاع به وباحداث، ولم لا فهو يناقش مشاكل يعرفونها جيدا وعاشوا معها ان لم تقترب منها التجارب الشخصية فعن طريق حكايات اصحابها بشكل مباشر.
مونتاج الفيلم جعل من مشاهده الاولى كانها اشبة بقصص قصيرة او صور فوتوغرافية، وتسببت النهايات المبتوره لهذه المشاهد إلى خلق حاله من الملل، خاصة وان المشاهد لم يتعرف على الصلات بين الشخصيات، محمد رمضان مازال يبحث عن لون مميز، وربما تساعده ملامحة على اداء شخصيات مثل الالمانى وعبده موته، وتحمل الموهبة باقى العبء، لكنة بالتاكيد لن يستطيع الاستمرار فى اداء مثل هذه الشخصيات للابد خاصة وانه وضع نفسة فى خانه ضيقة جدا فعلى الرغم من الاختلاف بين فيلمى الالمانى وعبده موته الا ان التشابة بين الشخصيتين حاضر، سيد رجب قادر ان يميز ادائه فى اى عمل فنى يشارك فيه بطابع مختلف شخصية "العو" الذى يرغب فى تدمير احد رجاله بسبب رغبته فى الزواج من حبيبته استطاع رجب أن يجعلها مكروهه احيانا، ومضحكة احيانا، ومنطقية متسلطة فى اغلب الاحيان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق