حرمة
الوجة الآخر للسعودية فى فيلم "حرمة"
أريج سيدة سعودية مات زوجها وليس لها من عائلتها أحد يعينها على الحياة
داخل مجتمع قاسى ناحية المرأة، هذه السيدة تعانى من مشاكل ديون زوجها وتقف
عند مفترق طريق لتسديد هذه الديون، اما باتجاهها للدعارة أو لتجارة
المخدرات ليقع اختيارها على الطريق الاخير لحل مشاكلها.
فيلم "حرمة" الذى يشارك ضمن فعاليات مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائى فى
دورته الثالثة ضمن مسابقة الافلام العربية القصيرة والذى يعد التجربة
الإخراجيه الثانية للممثلة والمخرجة السعودية عهد، يحمل رمزية شديدة فى
التعامل مع وضع المرأة فى مجتمع منغلق إجتماعيا، القصة التى تدور فى احد
حوارى مدينة جدة تعكس الوضع الإقتصادى المتردى لشريحة كبيرة من السعوديين
والجنسيات العربية الاخرى التى تعيش فى المملكة بشكل ينافى تماما الصورة
التى تصدرها المسلسلات الخليجية عن الثراء وحياه القصور والمطبوعة فى مخيلة
المشاهد العربى عموما عن الحياة فى الخليج، فنرى "على اليمنى" (يقوم بدوره
محمد عثمان) الذى مات والديه ويعتبر من اولاد الشوارع نظرا لانه لا يحمل
الجنسية السعودية وتجمعة الظروف بأريج (عهد) التى تكتشف انه يعمل فى تجارة
المخدرات ويساعدها حتى تستطيع الوفاء بدين زوجها.
تبدو قصة الفيلم غير منطقية وكثير من احداثها قد لا تقنع الكثيرين ربما
يعود ذلك لسببين الاول هو اعتماد الفيلم على مفاهيم وعادات سارية فى
المجتمع السعودى والاسلامى عموما وهى تسديد دين المتوفى حتى لو كان اهلة
غير واثقين من استحقاق الدائن لهذا الدين، أيضا شهور العدة بعد وفاه الزوج
او الطلاق، والتى تقتضى العادة بالا تنكشف الارملة او المطلقة على اى رجل
غريب، وان تلزم دارها او دار ولى امرها هذا بخلاف فكرة وجود محرم يلازم
البنت او السيدة فى تنقلاتها حسب ما تقتضية العادة فى المملكة، السبب
الثانى يعود لإستخدام المخرجة الشخصيات الثلاثة الرئيسية فى الفيلم أريج
وعلى وعبدالله كرموز للتعبير عن وضع قائم وسؤال يطرحه الفيلم وهو ماذا تفعل
اى سيدة غاب عنها ولى امرها؟، هذه الشخصيات تحمل مفارقات ومواقف اكبر من
الموجودة فى الواقع فاريج هى السيدة التى مات زوجها وهى فى شهر حملها
الرابع ولا تعلم كيف تتصرف خاصة وأن اهلها من الذكور ماتوا، وعلى ذلك الفتى
الذى يعيش فى المملكة بشكل غير شرعى ويعمل فى تجارة المخدرات وتجمعة صدفة
عجيبة بأريج الذى تستامنه على بيتها ونفسها، وعبدالله الدائن الذى يستغل
أريج معتمدا على وضعها الضعيف.
هذه الشخصيات بكل ما تحمله تعبر عن رمزية شديده فاريج مثال للمراه السعودية
التى تضطرها الظروف للجوء لحلول غير تقليدية وملتوية لكل مشاكلها وهى فى
نفس الوقت مضطرة أن تنسى انوثتها وهى الارملة الشابة لحماية وليدها القادم
مما تحملة لة الحياة من متاعب، وعلى مثال لكل ما هو طريق خلفى للحياة فهو
المال السهل السريع وهو الشهوة وهو الرجل المحتمل والذى من الممكن ان يملا
فراغ الزوج الراحل، وعبدالله هو القدر المحتوم الذى يحرك كل الاحداث فهو
الدافع وراء اتجاه اريج للتربح من تجارة المخدرات، هذه الرمزية تنفى
القواعد المنطقية وتجعل تسلسل الاحداث فى الفيلم منطقيا ومقبول عند
المشاهد، فالقصة هنا ليست عن سيدة واحدة تعانى من مشكلة بل عن مجتمع كامل
يعانى من الكثير من العيوب والمشاكل الإجتماعية.
عهد مخرجة وبطلة الفيلم تنتمى لمدرسة سينما المؤلف، فهى المخرجة والمؤلفة
والممثلة دون ان يقل مستوى ايا من الادوار الثلاثة، فهى كممثلة تستطيع أن
تتحول بشكل او باخر فى الفيلم فى ام تدافع عن حياة ابنها المرتقب، والانثى
المليئة بالاثارة التى تبحث عن حب، وهى البنت الضعيفة التى اتعبتها المشاكل
والاحداث المتلاحقة وتبحث عن من يعينها على تخطيها، تارة هى سيدة عجوز
وتارة شابة مقبلة على الحياة، وكمخرجة اختارت ابطالها بعناية شديدة على
الرغم من أن محمد عثمان هو أول ادواره فى التمثيل لكنه اختيار موفق جدا،
حتى فى اختيارها للمرحلة العمرية للشخصية فهى لم تختاره شابا كبيرا ولا
طفلا صغيرا لتقف الشخصية دائما فى منطقة رمادية بين الرجولة والطفولة، فهو
العشيق المحتمل والابن الذى لم تنجبه والمعين على حل المشاكل، محمد بكر
(قام بدور عبد الله) وهو الممثل المحترف لكنه يبدو مختلفا تماما فى هذا
الفيلم، فهو بعيد تماما عن ادواره فى الدراما الخليجية التى غالبا ما تعتمد
على اداء متكلف او مسرحى فى احسن الحالات، ليحمل اداءه شرا واستغلال نجح
فى التعبير عنهم بشكل طبيعى جدا، وكمؤلفة حاولت إلى حد كبير فى تضمين
العديد من المشاكل التى تواجهها المراه فى السعودية ونجحت لحد كبير فى ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق