السبت، 17 مايو 2014

عشم


محاكاة مصرية لـ "Paris, je t'aime"

مجموعة الاحلام والامنيات البسيطة التى يرغبها البشر هى وقود حياتهم، كل منهم ينظر للأعلى ويتمنى ويسعى لتحقيق الهدف والحلم الذى قد يبدو مستحيلا بالنسبة إليه، وقابل للتحقيق عند غيره، المهم هو النظر للأعلى بعشم حيث السماء مفتوحه بلا معوقات او بشر او كتل إسمنتية.

"عشم" هو اسم الفيلم الذى يضم هذه الاحلام، وهو أيضًا محور احداث سته قصص لمجموعة شخصيات تتحرك داخل مشاهده يتصلون معا بخيط رفيع فعلى غرار "Love Actually" و "Paris, je t'aime" و"New York, I Love You" تقرر المؤلفة والمخرجة ماجى مرجان أن تبنى احداث فيلمها على نفس النهج، قصص متداخلة من شرائح عمرية واجتماعية مختلفة يجمعهم رابط واحد، فى "Paris, je t'aime" كان الحب فى "New York, I Love You"  كانت العلاقات أما عشم فهو الحلم، تجد الرجل المرهق من عمله لكنه يتمنى أن يخدم الجميع وزوجته التى تخاف من موته، والزوجة الباحثة عن مولود لا يأتى، والشاب الحالم بالهجرة ويضحى بالحب، كل هذه القصص تتلاقى مسارات ابطالها وتبتعد مع مرور الدقائق في الفيلم.

هذه النوعية من الافلام تعتمد بشكل اساسى على التنويع فى عرض الموضوع الذى يربطها، لكن فى عشم حدث العكس حيث دارت احلام شخصيتين في الفيلم هما مجدى (مينا النجار) وشريف (هانى سيف) في الهجرة احدهم ضحى بحبه وفسخ خطبته والثانى سافر تاركا امه، التكرار لم يضف  جديدا واضعف الخط الدرامى للشخصيتين  فلم نفهم الدافع وراء قرار السفر المفاجئ وترك خلفهما ما هو مهم، قصة فريده (مروة ثروت) جاءت باهته بدون خطوط عريضة توضح الشخصيات للحد الذى جعل شخصيات القصة الأربعة تبدو وكأنها مقحمة على الفيلم ليس لهم تأثير فعلى ولم يبدو وجود احدهم هاما الافى المشهد الذى تقابل من خلاله فريده، عشم (شادى حبشى) فى الاسانسير، لكن في المقابل أضافت على الطابع المميز لهذه الافلام رابطا من نوع اخر هو شخصية عشم الذى احتك مع كل الشخصيات التى ظلت تحارب في سبيل حلمها ولم تجمعه الصدفة مع من قرر الهروب وراضى بحياته كما هى، فكان هو الرابط بين الشخصيات دائما ما يبث بهجته ناشرا فلسفته ساعيا وراء اى عمل تحقيقا لحلمه هو.
باستثناء المخرج محمد خان، وامينه خليل والمخرج محمود اللوزى فالجميع وجوه جديده على المشاهد، التلقائية التى قدمتها نجلاء يونس من خلال شخصية رضا هى الاقوى حيث نقلت مراحل تطور الشخصية بسلاسة فمن الفتاه القادمة من حدود القاهرة والتى تفوح منها راحه العرق بسبب رداءه نوع القماش الذى ترتديه لتعمل فى مول حتى تصل ان تكون بائعة محترفة فى محل للملابس الجاهزة يلخصها حوار الشخصية ببساطه من خلال استخدام مرادفى "الشرز" و"البلوفر" في حديثها، محمد خان وامينه خليل ومحمود اللوزى قدما اداء بسيطا خالى من التعقيد منح خفة لشخصياتهم وجعل منهم الاف المصريين ممن يعانون من نفس المشاكل والآمال، شادى حبشى يمتلك حضورا طاغيا على الرغم من طبيعة مشاهده التى تكون في الغالب صامتة، وكذلك الحال مع ابتسام (منى الشيمى).
الفيلم يبدا حاملا مشاهد طويلة من القصص السته، يقل وقتها تدريجيا مع تصاعد الاحداث في كل منها واقتراب كل قصة من الاخرى، ليسرع ايقاع الفيلم كما اقتربنا من النهاية، المونتاج ساعد لحد كبير في تكوين الصورة الكبرى للقصص الست ولا يمكن ان ينجح هذا النوع من الافلام دون وجود مونتير قوى صاحب رؤيه إلى جانب مخرج العمل وهو في هذه الحاله المخرج والمونتير أحمد عبد الله، العفوية والارتجال كانا السمة الرئيسية للحوار في الفيلم والذى جاء بعد تحضيرات طويلة والكثير من التجارب حتى ان الارتجال وفتح مساحة اكبر للممثلين بدا واضحا انه منهج ماجى حيث يظهر هذا مثلا في مشهد المجذوب وعشم بعد ان خرب له بالوناته التى يبيعها، الفيلم اجمالا يمثل سينما تركز على العواطف وحالات الحنين للماضى في بنائه، التجربة جديده وتستحق كل متابعه خاصة وانه العمل الاول لمخرجته وحاله سينمائية يجب ان تستمر في الظهور بمصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق